-->

0
المجزوءة الثالثة : السياسة 
المفهوم الأول : الدولة
 تقديم عام للمفهوم:  تعتبر الدولة أھم مؤسسة تسھر على تسییر المجتمع وتدبیر شؤونه، وھي بذلك أشمل تنظیم یعكس روح مجموعة من أفراد المجتمع. ویتجلى ھذا التنظیم في عدد من المؤسسات الإداریة والقانونیة والسیاسیة والاقتصادية التي تتطابق مع متطلبات المجتمع. إن وجود الدولة نابع من قصور المجتمع عن تسییر شؤونه في غیاب هذه المؤسسة التي تحفظ وجوده وتضمن استمراریته .  بالرغم من البساطة التي يَتَمَيَّزْ بها تعريف الدولة إلا أن مفهوم الدولة والبحث في تحديد أصل نشأتها وأساس السلطة فيها يثير في الواقع عدداً هائلاً من الإشكاليات؛ فالدولة هي حقيقة سياسية؛ لأن المجتمع الدولي يتكون أساساً من وحدات سياسية يحمل كل منها لقب “دولة”، والدولة أيضاً مفهوم قانوني قُصِدَ منها ابتكار أداة ملائمة لتنظيم العلاقة بين وحدات سياسية غير متكافئة في القوة على أساس من العدالة والمساواة. فالعلاقات بين الدول يجب أن تؤسس من وجهة نظر القانون الدولي على مبدأ أو قاعدة المساواة في السيادة. والدولة فوق هذا وذاك هي فكرة فلسفية مجردة؛ لأن نشأة المجتمعات السياسية المنظمة ليست معروفة أو مُوَثَّقَة تاريخيَّاً. وفي غياب هذه المعرفة التاريخية المُوَثَّقَة توجد نظريات أو رؤى أو أفكار ذات طبيعة فلسفية تحاول تفسير نشأة الدولة، أو بعبارة أدق نشأة أهم ركن من أركانها وهو السلطة السياسية المنظمة. والدولة أخيراً هي كائن اجتماعي؛ لأن أحد أهم مقوماتها هو البشر الذين تجمعهم روابط خاصة تجعلهم قادرين على الحياة المشتركة. فإذا كانت الغایة من وجود الدولة ھي تنظیم أمور المجتمع فھل یقف دورھا عند مسألة التنظیم فقط؟ و كیف یكون وجود الدولة مشروعا؟ وما هي طبيعة السلطة السياسية، هل هي سلطة مادية أم رمزية، فردية أم جماعية، ديمقراطية أم استبدادية؟ وكيف تمارس الدولة سلطتها، هل بالقوة أم القانون، بالحق أم بالعنف؟ وفي جميع الأحوال هل تستطيع الدولة تدبر شؤونها دون الاستعانة بالعنف، أم أن هذا الأخير وسيلة لا يمكن الاستغناء عنها؟ وما هي أشكال العنف التي تسخرها الدولة لتحقيق أهدافها ؟ هل يتأسس الحق على ما هو طبيعي أم على ما هو وضعي؟وما هي طبيعة العلاقة بين الحق و العدالة؟ أيهما يتأسس على الآخر؟هل يمكن وجود الحق خارج القوانين و التشريعات؟ إذا كانت العدالة هي تحقيق للمساواة و الإنصاف فهل تستطيع أن تنصف جميع الأفراد داخل المجتمع؟
المجزوءة الثالثة : السياسة 
المفهوم الأول : الدولة
 المحور الأول : مشروعية الدولة و غاياتها 
 الإطار الإشكالي:  للمحور عاش الإنسان فترة زمنية طويلة تحت قيادة وتوجيه قوانين الطبيعة، إلا أنه لما كبرت آماله وطموحاته، وجد أن تحسين عيشه وتطوير مؤهلاته، لا يمكن أن يتحقق له إلا في ظل أجواء يسود فيها الأمن والنظام. فالعيش تحت الطبيعة ينذر بغلبة الشر على الخير، القوة على العدل، الحرب على السلم...لهذا السبب فكر في تأسيس إطار يحفظ ويصون حياته وهو"الدولة". من المؤكد أن هذا الإطار- الدولة - يحتاج إلى تبرير وجوده وممارسته للسلطة، ومن ثم تسعى إلى تأكيد مشروعيته بالاستناد إلى دعائم سلالية أو دينية أو اجتماعية. فما الذي يمنح للدولة مشروعية وجودها؟ هل تستمد هذه المشروعية من الحق أم من القوة أم منهما معا؟ وما هي الغايات التي تروم تحقيقها؟  الاشتغال على القولة التالية :"يبدو لي أن الدولة جماعة من الناس تكونت لغرض وحيد هو المحافظة على خيراتهم المدنية وتنميتها. وأنا أقصد بـ "الخيرات المدنية" الحياة، الحرية، سلامة البدن وحمايته ضد الألم، وامتلاك الخيرات الخارجية مثل: الأرض، النقود و‏المنقولات".  حلل القولة وناقشها⇑⇑⇑⇑⇑⇑⇑ إن ميلاد الدولة احتاج لشروط وتراكمات عديدة ، لم يشأ لها أن تجتمع إلا في حدود القرن السادس عشر الميلادي. حيث تم فيه لأول مرة تذويب خلافات الأفراد والتقريب بين رغباتهم عن طريق إبرام تعاقد ، تم من خلاله الاتفاق على جملة من القوانين والقواعد لغرض الانتقال من حياة يسود فيها التوحش والاقتتال ، إلى حياة قائمة على التعاون والسلم. وتعتبر الدولة تنظيما سياسيا يكفل حماية القانون وتأمين النظام لجماعة من الناس تعيش على أرض معينة بصفة دائمة ، وتجمع بين أفرادها روابط تاريخية وجغرافية وثقافية مشتركة. ومن بين الأسس التي جاءت من أجلها الدولة حماية مصالح وخيرات المواطنين وصيانتها كالحياة والحرية والتملك. إذن من أين تستمد الدولة مشروعيتها ؟ هل من خلال فكرة التعاقد أم من خلال عناصر متعالية عن الواقع والمجتمع ؟ وما هي غايتها؟  لم يكن قيام الدولة بمثابة حدث عرضي قاد إليه التراكم التاريخي بالصدفة، بل كان وليد مجهودات دؤوبة ونية طيبة، سعى من خلالها الإنسان نحو بناء عهد جديد توكل فيه مهمة التسيير والتنظيم للأفراد عوض النبوءات والقوى الغيبية. ولما كانت الحياة فضاء مفتوحا تتلاقى فيه إرادات كثيرة ومختلفة، فقد كان من الضروري العمل على تبديد كل الخلافات الموجودة بين الأفراد. فالغاية التي أنشئت من أجلها الدولة هي حماية حرية الأفراد وسلامتهم وفسح المجال أمام طاقاتهم وقدراتهم البدنية والعقلية والروحية. فتحقيق هذه الأهداف (الأمن،الحرية ...) يقتضي تنازل الفرد عن حقه في أن يسلك كما يشاء. ومقابل هذا التنازل يتمتع الأفراد بحرية كاملة في التعبير عن آرائهم وأفكارهم، ومن حقهم التمتع بذلك مادام تفكيرهم قائما على مبادئ العقل واحترام الآخرين. و أيضا ما دام الفرد لم يقم بأي فعل من شانه إلحاق الضرر بالدولة.  إن الدولة (حسب القولة التي بين أيدينا)هي جماعة من الناس تكونت لغرض وحيد هو المحافظة على خيراتهم المدنية، فالدولة عقد أبرمه الأفراد لحماية خيراتهم. وعلى هذا الأساس يتضح أن الدولة هنا ذات طابع تعاقدي بين الناس فيما بينهم من جهة، وبين الناس والحاكم من جهة ثانية. فالغرض من وجودها هو المحافظة على خيراتهم المدنية، هذه الخيرات نوعان وهي: خيرات الحياة والحرية وسلامة الجسد من الأذى. وخيرات خارجية (المنقولات والممتلكات). الأولى محايثة للذات، بينما الثانية موضوع تملك وتبادل وتجارة.  إذن فالدولة تستمد مشروعيتها من خلال محافظتها على الخيرات المدنية للناس وتنميتها وهي الحياة، الحرية، سلامة البدن وحمايتهم ضد الألم، وامتلاك الخيرات الخارجية مثل الأرض، النقود... والواجب على الحاكم المدني أن يؤمن للشعب كله هاته الأشياء. ويتضح هذا الأمر جليا من خلال نماذج بعض الدول الديمقراطية التي تسعى جاهدة لضمان هذه الحقوق، عكس الدول الديكتاتورية التي لا هم لها سوى حفظ مصالحها دون الاهتمام بمصالح الأفراد (الدولة العسكرية مثلا). تكمن قيمة وأهمية هذه الأطروحة في توضيحها الغاية من تأسيس الدولة المتجلية في حماية الخيرات المدنية وتنميتها ، كما توضح مصدر ومشروعية ممارسة السلطة من طرف الدولة الكامن في التعاقد والتنازل عن الحرية الطبيعية من أجل كسب حرية مدنية. في نفس السياق نجد اسبينوزا يؤكد أن الغاية من تأسيس الدولة ليست تحويل الموجودات العاقلة إلى حيوانات أو آلات صماء، بل إن الغاية من وجودها هي إتاحة الفرصة لأبدانهم كي تقوم بوظائفها كاملة في أمان تام، حيث يتسنى لهم أن يستخدموا عقولهم استخداما حرا، دون إشهار لأسلحة الحقد أو الغضب أو الخداع، ويتعاملون مع بعضهم بدون ظلم أو إجحاف. إن الحرية، بمعنى آخر، هي الغاية الحقيقية من قيام الدولة. ولما كانت أحكام الناس إذا ما تركوا أحرارا، تختلف فيما بينهم كل الاختلاف، ولما كان كل فرد يظن أنه وحده الذي يعلم كل شيء، فإنهم ما كانوا ليعيشوا في سلام، لذلك كان من الحكمة والعقل، أن تقوم الدولة. لذلك فمشروعية الدولة حسب "اسبينوزا" تقوم على أساس عقلي.  إن الفرد في هاته الحالة، لم يتخل عن حقه في التفكير والحكم، بل فقط عن حقه في أن يسلك كما يشاء. فهو يستطيع الكلام بحرية تامة، لكن معتمدا في ذلك على العقل وحده، لا على الخداع أو الغضب أو الحقد. فالفرد الذي يبرز تعارض قانون ما مع العقل، ويعرب عن رأيه في ضرورة إلغائه، وعرضه على السلطة لتحكم عليه حتى تلغيه، يكون جديرا بلقب المواطن الصالح ويلقى ثناء الدولة عليه. على خلاف ما سبق، يرى توماس هوبز أن الطبيعة جعلت الناس أحرارا ومتساويين ؛ غير أن هذا التساوي لا يتحقق في حالة الطبيعة التي تقوم على أساس الحرب الدائمة والفوضى و الخوف ،وهذا ما يؤدي إلى فناء الجنس البشري .ولذلك كان من الضروري أن يبحث الإنسان عن طريقة لتحقيق الأمن والاستقرار والسلام ّ، هذه الطريقة تتجلى في الانتقال بالتجمع البشري إلى مجتمع الدولة المنظمة . والوسيلة الوحيدة لتحقيق هذا الانتقال هو التعاقد الاجتماعي الذي يضمن السلم والأمن بوجود حاكم يكون خارج هذا العقد، حيث يتنازل الأفراد برضاهم عن بعض حقوقهم الطبيعية لفائدة الحاكم قصد تحقيق المنفعة العامة . هذا التوافق بين الشعب و الحاكم أدى إلى نشوء الدولة . ختاما نستخلص مما سبق أن مشروعية الدولة، إذن، مستمدة من غاياتها المتمثلة في تعاقد الأفراد لحماية أنفسهم وضمان حقوقهم وضمان السلم والأمن ، وهو الأمر الذي تؤكد عليه القولة ويؤكد عليه كل من اسبينوزا و هوبز. أما فيما يتعلق برأينا الشخصي فيمكن القول أن غاية الدولة لا تكمن في الغايات الخارجية فقط ، وإنما تتمثل في غايات باطنية؛ إذ يعتبر الدولة غاية في ذاتها ، لأنها تسعى إلى خدمة الفرد والجماعة على حد سواء. ولهذا يمكننا القول بأن وجود الدولة مهم ما دامت تحفظ بقاء الفرد وتضمن له جميع الحقوق.
المجزوءة الثالثة : السياسة 
المفهوم الأول : الدولة
المحور الثاني : طبيعة السلطة السياسية 
الإطار الإشكالي: للمحور إن مفهوم الطبيعة يدل على علة باطنية محركة للشيء، كما يشير إلى خاصية جوهرية تميز الشيء عن غيره. ولهذا فالتساؤل عن طبيعة السلطة السياسية يفترض التساؤل عن خصائصها وآلياتها وما يميز ممارستها داخل المجتمع. فتباين المواقف الفلسفية حول مشروعية الدولة تتمخض منه إشكالات عدة حول طبيعة السلطة السياسية. فهل يمكن حصر السلطة السياسية في أجهزة الدولة أم أن السلطة قدرة مشتتة في كل المجتمع؟ وهل هي متعالية عن المجال الذي تمارس فيه، أم أنها محايثة له؟  1- مونتسكيو : ضرورة فصل السلط و استقلالها .  إن كل دولة كيفما كانت حسب مونتسكيو تمارس سلطتها من خلال ثلاثة أنواع من المؤسسات( السلط) وهي : السلطة التشريعية ، والسلطة التنفيذية ، والسلطة القضائية . الأولى مهمتها سن وتشريع القوانين ، أما الثانية فمهمتها إعلان الحرب أو السلم ، واستتباب الأمن ، واستقبال وإرسال السفراء، أما السلطة الثالثة فمهمتها إصدار الأحكام على مرتكبي الجرائم ، والفصل بين نزاعات الأفراد. وفي هذا الصدد يؤكد مونتسكيو على أهمية وضرورة فصل السلط لكي تكون ممارسة السلطة السياسية من طرف الدولة ديمقراطيا. أما إذا اجتمع هذه السلط الثلاث في يد رجل واحد أو هيئة واحدة فإن ممارسة السلطة السياسية ستكون استبدادية ديكتاتورية، وبهذا فإن كل شيء سيعرض للضياع حسب تعبير مونتسكيو أي ستضيع الحقوق الطبيعية والمدنية للأفراد( الحق في الحرية ، الحق في الحياة ،الحق في التعليم ، الحق في الصحة ..).   2 – لوي ألتوسير : الأجهزة الإيديولوجية والأجهزة القمعية للدولة . تمارس الدولة سلطتها من خلال نوعين من الأجهزة : منها ما هو رسمي تشرف عليه الدولة بشكل مباشر وهي الأجهزة القمعية للدولة تكون عبارة عن مؤسسات قمعية عنيفة ، تستخدم القمع والعنف بأشكاله المختلفة وتتشكل من (الحكومة، الشرطة، المحاكم، السجون، الجيش). ومنها ما هو غير رسمي ينتمي إلى المجال الخاص وهي الأجهزة الإيديولوجية التابعة للدولة وهي عبارة عن مجموعة من المؤسسات المتخصصة، (الجهاز الديني، العائلي، المدرسي، القانوني، السياسي، النقابي، الإعلامي...).  خلاصة تركيبية :  عموما يمكن القول أن طبيعة السلطة السياسية التي تمارسها الدولة قد تكون ديمقراطية عندما نسعى إلى الفصل بين السلط واحترام تخصصات كل سلطة. وقد تكون ديكتاتورية عندما تتجمع هذه السلط فيما بينها في يد رجل واحد أو هيئة واحدة. وقد تكون ذات طابع إيديولوجي وقمعي في نفس الوقت.
المجزوءة الثالثة : السياسة 
المفهوم الأول : الدولة  
المحور الثالث : الدولة بين الحق و العنف
الإطار الإشكالي للمحور:
      من المألوف أن ننظر إلى الدولة التي تستند إلى القانون في ممارسة سلطتها على المواطنين على أنها تمثل "دولة الحق"، وأن نعتبر- في المقابل- كل دولة تلجأ إلى القوة وتمارس العنف بمثابة دولة استبدادية تلغي أو تغيب القانون في علاقتها بالمواطنين. غير أن استقراء الواقع أو استنطاق التاريخ، يكشف عن تداخل معقد بين الحق والعنف في تشكيل ماهية الدولة بصورة تبعث على التفكير في ما إذا كان العنف لصيقا بالدولة ومدى ارتباطه أو انفصاله عن الحق.
 فعندما نتحدث عن الدولة بين الحق والعنف، فإننا نثير بالضرورة إشكالية العلاقة بين الدولة كأجهزة ومؤسسات منظمة للمجتمع، وبين الأفراد الخاضعين لقوانينها. فإذا انبنت هذه العلاقة على احترام المبادئ الأخلاقية المتعارف عليها والقوانين المتعاقد عليها، فإن ممارسة الدولة تكون في هذه الحالة ممارسة مشروعة تجعلنا نتحدث عن دولة الحق. أما إذا كانت هذه العلاقة مبنية على أسس غير أخلاقية وغير قانونية، فإنها ستكون مؤسسة على القوة والعنف وهاضمة للحقوق والحريات الفردية والجماعية. إذن على أساس تنبني الدولة؟ وهل تمارس سلطتها بالقوة أم بالقانون،الحق أم بالعنف؟
1 – الدولة والعنف المشروع: 
موقف ماكس فيبر:
    يعتبر  العنف ركيزة أساسية من ركائز الدولة، لا لشيء إلا لأنه الأداة الوحيدة القادرة على حماية الدولة وحفظها من كافة الأخطار المهددة لها. من هنا يمكن القول بأن الدولة ليست مخيرة في الاعتماد على العنف أو عدم الاعتماد عليه، وإنما هي مجبرة على ذلك، لأنه بواسطته تستطيع فرض سلطتها وقراراتها على أتباعها. إ
إن ما يميز الدولة هو ممارستها للسلطة عن طريق العنف المشروع. أي أن هذا العنف الذي تمارسه يكتسب طابع المشروعية، وعلى هذا الأساس يمكن تعريف الدولة عنده. فكل دولة "تنبني على القوة" كما قال تروتسكي. فالقوة هي التي  تضمن استمرار الدولة، وهي الأداة الأنجع لتسيير شؤون المجتمع.
2 – دولة الحق والقانون:
 
موقف جاكلين روس
 ترى جاكلين روسأن دولة الحق هي واقع معيش، وليست مدينة فاضلة، وهي ممارسة معقلنة لسلطة الدولة، وتسعى إلى تحقيق وبلورة الحريات العامة. لأن الدولة توجد لخدمة الفرد وليس العكس. فالدولة إذن "تحتل مرتبة بعد الإنسان لما أصبح يمثله من معيار أسمى.لكن ما هي دولة الحق؟
إنها دولة فيها حق وفيها قانون يخضعان معا إلى مبدأ احترام الشخص. وهي صيغة قانونية تضمن الحريات الفردية وتتمسك بالكرامة الإنسانية وذلك ضد كل أنواع والقوة والتخويف، ونبذ كل أنواع الإرهاب والعنف. إن سلطة دولة الحق تتخذ ملامح ثلاثة : " القانون، الحق، وفصل السلط " ، وهي جميعها تضمن احترام الشخص وتسهر على تأسيس هذا الاحترام. فلا يمكن أن يوجد حق دون قانون عادل وصريح. كما أن إحقاق الحق مستحيل دون فصل السلط خاصة تلك التي أشار إليها مونتسكيو في كتابه "روح القوانين" [السلطة التشريعية، السلطة التنفيذية، السلطة القضائية].
خلاصة تركيبية:
    عموما إذا كانت الدولة ترتبط بالحق والعنف، فإن هذه العلاقة تبدو رهينة بطبيعة الأنظمة السياسية من حيث أنها قد تقوم على توازن يجعل العنف مشروعا في إطار تقنين وعقلنة للسلطة السياسية كما يتحقق ذلك في الأنظمة الديمقراطية المعاصرة أو دولة الحق ؛ وقد تكون علاقة مختلة تتسع فيها دائرة العنف على حساب الحق كما يتجسد ذلك في حالة الدولة العربية التي لم تتخلص من الإرث السلطاني ولم تستكمل شروط المجتمع السياسي الذي تمثله دولة الحق.

إرسال تعليق

 
Top